حسن اختيار الممثلين من أهم عناصر نجاح الأعمال الدرامية، ولذلك غاب النجاح وتسرب الملل إلى قلوب المشاهدين في رمضان تجاه كثير من المسلسلات رغم النجوم الكبيرة التي ترتبط بأسمائهم.
ومن الأعمال التي أساء مخرجوها اختيار الممثل المناسب للدور المناسب ''قانون المراغي''، واختيار المطربة أنوشكا لتجسيد دور زوجة المحامى ''خالد الصاوي'' كان غريبا للغاية، ليس فقط لأن الشخصية مركبة وتتجاذبها مشاعر مرتبكة ومعقدة تحتاج إلى ممثلة من العيار الثقيل، ولكن أيضا لأن أنوشكا لم تقدم سوى أعمال قليلة للغاية كممثلة، واختيارها لهذا الدور ظلم لها وللشخصية، وللبطل خالد الصاوي الذي كان يعانى كثيرا وهو يحاول تقمص الدور واستحضار الانفعال المناسب، رغم البرود الكامل والغياب الرهيب لأي تعبيرات للوجه أو الملامح لدى زوجته التي مثلت أنوشكا دورها..
ونفس الحال تقريبا حدث مع بطلة المسلسل غادة عبد الرازق، والتي من المفترض أنها تجسد شخصية محامية رومانسية ومقهورة وتعيسة الحظ في حياتها، لكن تعبيرات غادة، والماكياج المبالغ فيه، وطريقة أدائها لم تكن توحي على الإطلاق بالمعاناة التي تواجهها في الحياة والعمل..
أما أسوأ الاختيارات على الإطلاق، فهو إسناد بطولة مسلسل ''البوابة الثانية'' للنجمة نبيلة عبيد، فالشخصية لا تناسبها على الإطلاق، والمخرج على عبد الخالق كان حريصا على ألا يقترب بلقطات ''زووم'' قريبة من وجهها، حتى لا يكشف عجزها عن استخدام عضلات وجهها أو شفتيها المنتفختين في أي تعبير سواء بالحزن أو الفرح، وربما تكون جراحات التجميل هي السبب، وربما يكون افتقاد اللياقة الفنية بسبب الابتعاد الطويل عن الوقوف أمام الكاميرا، فالممثل مثله مثل لاعب الكرة، يفقد كثيرا من موهبته وقدراته إذا ابتعد طويلا عن الملاعب.
ونبيلة لم تكن مقنعة في شخصية الدكتورة ليلى، والمخرج فشل في إنقاذ إيقاع المسلسل البطيء، والموسيقى التصويرية، كان مبالغ جدا في استخدامها، وخاصة في المشاهد البسيطة التي لا تحتاج إلى كل هذا الإيحاء بالتشويق مثل مشاهد الدكتورة وابنتها..
وبغض النظر عن مجاملة المخرج إسماعيل عبد الحافظ لابنه محمد وإسناد أدوار لا تتناسب مع إمكاناته الشكلية والتمثيلية في أكثر من عمل لهما معا، فإن المجاملة الأكبر هذا العام كانت للممثلة الأردنية ميس حمدان، واختيارها بطولة الجزء الثاني من ''المصراوية'' بدلا من غادة عادل.. فلا ملامح ميس السمراء، ولا تعبيرات وجهها، ولا صوتها، ولا أداءها يوحى على الإطلاق بأنها أميرة من أصل تركي.. والمقارنة بينهما في صالح غادة على طول الخط..
ونفس الشيء يقال عن البطل ممدوح عبد العليم، الذي اجتهد في تقديم دور العمدة، لكنه افتقد إلى تلقائية وبساطة هشام في أداء الشخصية في الجزء الأول من المسلسل.. وامتد ''الميس كاستينج'' أو سوء اختيار الممثلين إلى المسلسلات الكوميدية، فشاهدنا عزت أبو عوف في شخصية موظف بسيط وطريقة ''البرنس'' أبو عوف لا توحي أبدا في الحلقات الأولى بأنه فقير ويعانى مع زوجته ماجدة زكى في مسلسل ''كريمة- كريمة''.. والنتيجة هي عدم اقتناع المشاهد بالأحداث أو بالشخصية، وعدم تفاعله مع الممثل أو الممثلة التي لو كان المخرج قد اختارها لدور آخر يناسبها لكان ذلك أفضل له ولها وللمشاهدين..
أما منطق المجاملة، و ''الشللية'' وقانون السوق ورغبات المنتجين التي تحكم اختيار النجوم، وتختار الممثل غير المناسب للدور غير المناسب، فستؤدى حتما إلى مزيد من التراجع في مستوى الدراما المصرية وانصراف الناس عن المشاهدة.