القرآن العظيم : كتاب الله الخالد . ودستوره الماجد ، وحجته البالغة على العالمين كتاب ختم الله به الكتب وانزله على رسول ختم به الرسلات ، بدين عام شامل كامل ختم به الاديان ، فهو دستور الخالق لاصلاح الخلق وهو رسالة السماء الى الارض وقانون السماء لنظام الارض ، انهى الله اليه كل تشريع واودعه كل نهضة وناط به كل سعادة ورخاء للامم والافراد والاسرة والجماعات .
والقرآن العظيم : حجة الرسول الامين -ص- وايته الكبرى يقوم في فم الدينا شاهدا برسالته ناطقا بنبوته ، دليلا على صدقه وامانته وهو القوة المحولة العجيبة التي غيرت وجه التاريخ ونقلت حدود الممالك المتعددة فتقاصرت وتقاربت وكون منها الامة الواحدة وانقذت الانسانية العاثرة فكانما خلقت الوجود خلقا جديدا .
والقرآن العظيم : ملاذ الدين الاعلى ، وكتابه الاقدس ، يستند اليه الاسلام في عقائده ، وعباداته ، وحكمه ، واحكامه ،وآدابه واخلاقه وقصصه ، ومواعظه وعلومه ومعارفه بل وفي كل شأن من شؤون هذا الاسلام العظيم فقد نزل تبيانا لكل شيء.
والقرآن العظيم : عماد لغة العرب الاسمى تدين له اللغة في بقائها ونقائها وصفائها وسلامتها وتستمد منه علومها وفنونها على كثرتها وتنوعها وبه شرفت وفاقت سائر اللغات في اساليبها ومادتها .
والقرآن العظيم : اية الله الكبرى ولكنه لا كالآيات ومعجزة لا كالمعجزات ، وهو نور كالانوار ، وسر لا كالاسرار ، انه كلام الله العظيم الحي القيوم الذي بيده مقاليد السموات والارض وهو على كل شيء قدير .
والقرآن العظيم : هو المعجز للناس بلفظه ونظمه واسلوبه وهدايته وتأثيره وعلومه ، واعجز الفصحاء والبغاء ، واخرس الادباء والشعراء وتحدى الانس والجن على ان يأتوا بسورة من مثله ، فلم يحر احد منهم جوابا ولاذوا بالصمت والفرار .
وحتى الرسول الاعظم محمد بن عبدالله -ص- الذي نزل عليه القرآن لم يكن في استطاعته ان يأتي بسورة من سورة قصيرها او طويلها بكسبه ولا بمواهبه العظيمة ، بل فيه آيات صريحة ناطقة بانه -ص- كان يعجز كغيره من الناس عن الاتيان بمثله وهو ما امره الله تبارك وتعالى ان يقوله للناس في تحديه اياهم ، واستدلاله على نبوته ورسالته وهو قوله تعالى :
( واذا تتلى عليهم آيتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا او بدله قل ما يكون لي ان ابدله من تلقاء نفسي ، ان اتبع الا مايوحي الي اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم ، قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا ادراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ) يونس 15-16 .
والقرآن العظيم : في سلاسته ورقته يأخذ بالالباب في نظمه واسلوبه هذا المدهش العجيب ماهو بنظم واحد ، ولا في اسلوب واحد انه مائة واربع عشرة سورة منها ما يربو على المائة والمائتين في عدد آياته ومنها العشر ومنها السبع ومنها الثلاث ثم هذه الايات قد اختلفت طولا وقصرا ومقاطع وفواصل ، منها متفق الفواصل ومنها المختلف وهي على ما بها من تشابه وتوافق قد اتحدت في اشتمالها على المعاني العالية والحكم السديدة الغالية من صفات الله تعالى واسمائه الحسنى واياته في الانفس والافاق ، والحكم والاداب والمواعظ والامثال والقصص والاخبار ، وقد تقاصرت عنه بلاغة البلغاء وقعدت عنه فصاحة الفحصاء .
لا يوجد حالياً أي تعليق